امير الحب (الاداره )
عدد الرسائل : 66 العمر : 33 البلد : قلـــــــــــــ حبيبى ـــــــــــب العمل/الترفيه : طالب فى الثانوية العامة المزاج : رايق جدا تاريخ التسجيل : 07/04/2008
| موضوع: تحجيم قوى المعارضة وإقصاء الإخوا الخميس أبريل 10, 2008 10:18 am | |
| تتابعت خلال الأيام القليلة الماضية الأحداث الاجتماعية والسياسية لترسم صورة بالغة الاحتقان للواقع المصري. فعلى رغم النجاح الأمني في السيطرة على الإضراب العام في 6 نيسان (ابريل) الجاري والذي دعت إليه منظمات مدنية وحركات سياسية مختلفة للاحتجاج على موجة الغلاء الراهنة (بلغت معدلات ارتفاع أسعار المواد الغذائية 16 في المئة منذ بداية العام الحالي)، إلا أن المواجهات العنيفة التي اندلعت في اليوم نفسه بمدينة المحلة الصناعية بين متظاهرين وقوات الأمن وسقط نتيجتها عدد من الضحايا بين قتيل وجريح طرحت العديد من التساؤلات حول التداعيات الفعلية لتدهور الأوضاع المعيشية لغالبية المصريين على السلم المجتمعي واستقرار النظام العام. ثم تواكبت التوترات والاحتجاجات الاجتماعية مع مشهد سياسي قمعي بامتياز أدارت به مؤسسة الحكم انتخابات المجالس المحلية من دون رقابة قضائية فعلية ومع تحجيم لقوى المعارضة وإقصاء شبه تام لفصيلها الأكبر والأفضل تنظيماً، جماعة «الإخوان المسلمين»، على نحو عمّق من حالة الاستقطاب ووضع بعد تعديلات ربيع 2007 الدستورية وانتخابات مجلس الشورى في صيف ذلك العام علامة إضافية على طريق تجديد دماء السلطوية وإعادة الحياة السياسية إلى سابق جمود التسعينيات بعد دينامية وانفتاح السنوات ما بين 2003 و2005.
ومما يزيد من خطورة تداعيات انسداد الأفق الاجتماعي والسياسي عدم توفر أي من الفاعلين الرئيسيين في المشهد المصري على رؤية استراتيجية متكاملة وقابلة للتنفيذ للتعاطي معها أو لإدارة الأزمات المترتبة عليها. فمؤسسة الحكم تتخبط بين وعود وردية بوقف تدهور الأوضاع المعيشية وعصرنة شبكات الضمان الاجتماعي ورفع مستويات الأجور والحد من التضخم وتنازلات جزئية تذهب في هذا الاتجاه (قرار رئيس الجمهورية الأخير بإلغاء الرسوم الجمركية على المواد الغذائية الرئيسية وبعض العقاقير الطبية الواسعة الاستخدام) وبين سياسات عكسية تفرضها توصيات الهيئات الاقتصادية الدولية وعمليات الخصخصة المستمرة فضلاً عن مصالح جماعات ضغط مؤثرة قريبة من دوائر صنع القرار. ومع أن التحسن الملموس في أداء الاقتصاد المصري (بلغت معدلات النمو خلال العامين الماضيين 7 في المئة) وتدفق الاستثمارات الأجنبية (الخليجية بالأساس) قد ضمنا لمؤسسة الحكم شيئاً من المرونة وبعض الموارد الإضافية للتعاطي مع التوترات الاجتماعية، إلا أن غياب رؤية استراتيجية متكاملة لكيفية إدارة الانتقال نحو اقتصادات السوق، في مجتمع يعيش أكثر من ثلث سكانه تحت خط الفقر، ومن دون تعريض السلم الاجتماعي لمخاطر كبرى، قد عنى واقعاً محدودية فاعلية الإجراءات الرسمية وبقاءها دوماً في خانة الحلول الجزئية وعلاجات المسكنات.
بل إن مؤسسة الحكم التي اعتادت تقليدياً توظيف أدوات متنوعة للحيلولة دون تواكب التوترات الاجتماعية مع احتقان الحياة السياسية وكثيراً ما سمحت بانفراجات جزئية في الأخيرة للتخفيف من حدة الأولى، تبدو اليوم رافضة لتقديم مثل هذه التنازلات إن لاقتناعها بأولوية قضايا أخرى ربما كان أهمها ملف ترتيبات انتقال السلطة بعد الرئيس مبارك أو للخوف مما قد يرتبه الانفراج السياسي من تعاظم للطاقة التنافسية ولمساحات فعل قوى المعارضة وفي مقدمها جماعة «الإخوان»، على النحو الذي دللت عليه نتائج انتخابات 2005 التشريعية. محصلة ذلك هي تعويل متصاعد على آليات أمنية وإقصائية تتطور باستمرار لإدارة السياسة ونضوب شبه كامل لقدرات مؤسسة الحكم على إعمال النظر الاستراتيجي والبحث في سبل تجاوز لحظة الاستقطاب الراهنة.
بيد أن النضوب الاستراتيجي ذاته وما يستتبعه من عجز عن صوغ رؤى متكاملة أضحى يعصف بتماسك المعارضة ويهدد شرعية أدوارها. أحزاب كالوفد والتجمع تتجاذبها سياقات تحالفات غير معلنة مع مؤسسة الحكم، تضمن لها حداً أدنى من التمثيل في المجالس التشريعية، إلا أنها تفقدها الجزء الأكبر من استقلالية فعلها ومصداقيتها كقوى معارضة تريد التغيير والإصلاح. في حين تسعى أحزاب كالجبهة الديموقراطية ذات التوجه الليبرالي وحزب الكرامة الناصري (تحت التأسيس) لتطوير أدوات العمل السياسي المعارض والتنسيق في ما بينها لحمل مؤسسة الحكم على تخفيف القيود المفروضة على حركتها، وتظل فاعليتها شديدة المحدودية إن لتحول صراعاتها الداخلية الى حالة مرضية مستشرية وافتقادها المؤسسية وضعف هياكلها القيادية أو لهشاشة وجودها الجماهيري وغياب قواعدها الناخبة.
أما جماعة «الإخوان» فتفتقد التوازن الاستراتيجي والتماسك التنظيمي الذي ميزها طويلاً ومكنها الى جانب جماهيريتها من الحفاظ على وجودها ودورها السياسي على رغم علاقتها الصراعية مع مؤسسة الحكم. اليوم تتخبط الجماعة، مثلها في ذلك مثل بقية الفاعلين، بين مواقف متناقضة وخطوات منقوصة سرعان ما يتم التراجع عنها من دون تفسير مقنع للرأي العام أو لقواعدها الشعبية. فبعد أن أعلن «الإخوان» في صيف العام المنصرم عن مسودة برنامج حزبهم السياسي، وفي لحظة صراع مع الحكم هم بها أبعد ما يكونون عن الحصول على ترخيص لتأسيس حزب، وأنجز نقاش مفصل حول القضايا الخلافية داخل الجماعة وخارجها حمل العديد من الأفكار المهمة، طويت صفحة برنامج الحزب بسرعة مريبة واكتفت قيادات مكتب الإرشاد بالتشديد على أن المسودة قيد التطوير. ثم جاء موقف الجماعة الأخير من انتخابات المجالس المحلية ليدلل مجدداً على افتقادها التوازن. فبعد قرار «الإخوان» المشاركة في انتخابات المجالس المحلية واعتزام تقديم أوراق زهاء 5 آلاف مرشح الى الجهات الرسمية (للمنافسة على ما يزيد عن 50 ألف مقعد محلي) وزجوا بالتبعية بكوادرهم الوسيطة إلى أتون مواجهة مع الآلة الأمنية أسفرت عن اعتقال المئات منهم، عادوا وأعلنوا مقاطعتهم لانتخابات 8 نيسان (ابريل) الجاري قبل موعدها بيوم. ومع أن الإقصاء والتعنت الرسميين إزاء مرشحي الجماعة وتجاهل أحكام القضاء الإداري لصالحهم بلغت بالفعل مستويات غير مسبوقة، فلم يدرج سوى 20 من الإخوان على قوائم المرشحين النهائية، يظل التساؤل عن ظروف ومعايير تغيير الوجهة الاستراتيجية داخل الجماعة قائماً. فـ «الإخوان»، ومن واقع بياناتهم المتتالية، أرادوا المشاركة إثباتاً لوجودهم ورغبةً في تعبئة قواعدهم والتواصل مع الرأي العام بغض النظر عن محدودية إن لم يكن انعدام فرص مرشحيهم للفوز في ظل غياب الإشراف القضائي على انتخابات المحليات. بعبارة بديلة، بنيت شرعية المشاركة في الانتخابات على القيمة الذاتية للمشاركة وفصلت إلى حد بعيد عن أسلوب إدارة الانتخابات ونتائجها المتوقعة. فكيف لمن صاغ مثل هذه الرؤية (العالية الروح الديموقراطية في واقع الأمر) أن ينقلب موقفه رأساً على عقب لأن عدد من قبلت أوراق ترشيحهم جاء صادماً؟
ليس لمعارضات، دينية كانت أو غير دينية، هي بهذا الوهن وهذا التخبط الاستراتيجي، أن تسهم في إيجاد حلول لانسداد الأفق الاجتماعي والسياسي في مصر، بل هي أضحت بلا ريب أحد مسبباته المزمنة. وربما مثل خيال ودينامية حركات الاحتجاج الصغيرة كـ «كفاية» وشبكات النشطاء والمدونين، وهي تلعب أدواراً مهمة في إعادة السياسة الى الشارع المصري والانفتاح على بؤر التوترات الاجتماعية وتوظيف زخمها في الحياة السياسية، نقطة الضوء الوحيدة والبعيدة في مشهد شديد التوتر يبدو عصياً على التغيير الإيجابي
اخبار اليوم وبس حصرى هنا.
| |
|